كانت أزواد إلى جانب إشعاعها العلمي، مصدرا لأهم بضاعة تجارية في القرون الوسطى، وحتى نهايات القرن العشرين، باحتضان طرفها الشمالي الغربي لمعادن الملح في تغازة، ثم تاودني، وأجزائها الغربية لمعدن الذهب و كذلك الخرز" الحب الحر"المرغوب في الحيز الصحراوي والذي هو بقايا من حلي مواطني الحضارات القديمة حافظ على بريقه بفضل طمر الرمال، ويشكل حتى اليوم مصدرا مهما للتجارة البينية. واعترى هذه المكانة على امتداد القرون الأربعة الأخيرة مد وجزر، ارتبط بمآلات نهر النيجر، ومراكزه المؤثرة مثل ڴاوو، تنبكتو، وڴُندام حتى موبتي وچنى، فينزل استقرارها بردا وسلاما على الإقليم، والعكس صحيح. وقد شهد القرن التاسع عشر على الخصوص موجات اضطراب، بعد اضمحلال حكم الرماة شبه المركزي في تنبكتو، مما أدى إلى ظهور زعامات محلية دينية وسياسية،كان آخرها دولة ماسينا الفلاّنية بقيادة شيخُ أحمُد، التي بسطت سلطتها على عقفة النهر حتى تنبكتو، بمباركة زعماء الحضرة الكنتية وعلى رأسهم الشيخ سيدي البكاي بن الشيخ سيدي محمد، إلى أن أسقطها خلفاء الحاج عمر، قبل تعرض الإقليم كله للاحتلال الفرنسي، ليبدأ القهر الحضاري والاستلاب والثقافي.
وقد استخدم المحتلون القوة العسكرية المفرطة ضد المقاومة مما أدى إلى معاناة شديدة من أخطرها التشرد في المناطق المجاورة مثل النيجر قبل احتلاله، وتشاد وتونس وليبيا، حيث تجاوز المهاجرون الجزائر الخاضعة للقبضة الفرنسية الحديدية، وهكذا عانى أزواد أكثر مما عانت جل المناطق المماثلة، عقابا على مقاومة شرائح كثيرة منه، بقيادة زعمائه من التوارق والعرب، الذين امتشقوا السيف والبندقية ثلاثين سنة، فخلدوا الشجاعة والإيباء الذي عُرف عن أجدادهم الملثمين في الصحراء وفي فتوحات المرابطين في الغرب والشمال الإفريقي والأندلس، فكانوا نبراسا للأحفاد يضيء طريق مقاومتهم الدينية والثقافية، كما في الصنو الغربي: موريتانيا.
ومع عشرينات القرن الماضي عاد معظم المهّجرين إلى وطنهم، واستأنفوا حياتهم الطبيعية، وأنشطتهم التقليدية في الرعي والتجارة، خاصة منها البضاعة التي خبروها طوال قرون وهي الملح، الذي يعتمد عليه سكان جنوب النهر حتى كوت ديفوار، واستعادوا مجالات ترحالهم التاريخية، يدخلون - دون أوراق أو مراقبة - الجزائر والنيجر وموريتانيا، ويقطعون النهر إلى فلتا العليا (بوركينا فاصو) وكوت ديفوار للتزود بحاجاتهم من الغذاء والمواد الزراعية والأقمشة، ليعودوا إلى عزلتهم في صحرائهم،هروبا بدينهم من المحتل القابع في المدن والمراكز الحضرية، والذي لا يعنيه من أمر البدو إلا ما يتصل بضرورات أمنه، واستيفاء إتاواته عن الماشية والتجارة، لا يدركون ما يبيّت من خطط حول مستقبلهم؛ باستثناء أفراد من التجار والوجهاء ممن توكل إليهم مهمة تسوية مشاكلهم في المراكز الحضرية، التي تعدّ على رؤوس الأصابع؛ حيث توجد إدارة لا يعرفون لغتها الفرنسية، ولا يشتركون مع أهلها في الكثير من العادات والتقاليد، رغم التعايش ضمن الحيز الجغرافي المشترك، ووحدة الدين.
وعندما حطت الحرب العالمية الثانية أوزارها بدأت الدول الأوروبية تعيد النظر في مستقبل علاقاتها مع مستعمراتها، لضرورات إستراتيجية مرتبطة بالتحولات التي يشهدها العالم، ولصيانة مصالحها وضمان مكانتها، فأعادت النظر في وضع المستعمرات، فألغت بعضها وضمته لأخرى، وقلصت من حجم البعض لصالح الآخر، وفي كل ذلك ارتكبت أخطاء فادحة،منها عدم مراعاة الأبعاد الجغرافية والإنسانية (الدين والثقافة) ولا الموارد التي يمكنها أن تضمن البقاء لهذه الكيانات، مما جعل العديد منها مصطنعا، ما لبث أن أصبح مصدرا دائما للاضطرابات والفتن، تدارك الاستعمار بعضه في الجزء الغربي من تراب البيظان – في الأربعينات - بالتراجع عن ضم الحوض للسودان وإعادة أجزاء كبيرة منه لأصله وفرعه موريتانيا.
وفي خضم هذه التطورات بدأ الوعي يتسرب إلى النخبة من الشيوخ والوجهاء والتجار في أزواد، ومعه إدراك واقعهم كجزء من مستعمرة السودان، التي لم تعد تضم إقليم الحوض، الذي كان "يوسّع" عليهم،فأصبحوا أقلية لا وزن لها أمام الهيمنة الكاسحة لسكان الجنوب والغرب من الَكْور، الذين كان الاستعمار قد بذل جهوده لعزلهم عن إرثهم الحضاري والثقافي، بحربه على اللغة العربية والحرف العربي الذي كان سائدا في القارة السمراء بأسرها وعلى الخصوص في الغرب الإفريقي، تكتب به أكثر من 30 لغة، منها اللغات الرئيسية كالفلانية والماندينڴية والهوساتية والزرماتية والسواحيلية واليوروباوية لتكون العربية رابطا بين الناطقين بهذه اللغات، وبينهم والمسلمين كافة، فكانت تلك أولى التحديات الذي جاء الاستعمار لرفعها، ولم يغادر إلا بعد أن انتصر فيها وغرق الناس في بحر من التنافر، أذكى الصراعات المتصاعدة.
وقد عبر الوجهاء الأزواديون بما يملكون من جهد عن قلقهم على مستقبلهم للإدارة، التي كانت ما تزال تحت السيطرة المباشرة للفرنسيين، لكنهم كانوا غير مبالين كثيرا بما يصدر عن أفراد، لا تدعمهم تجمعات حضرية، ذات وزن ضاغط. وأقصى ما كانوا يفعلونه "طمأنتهم" "بأنهم سيظلون أحرارا في بواديهم، كما كانوا، ولن تكون لأحد بعد الفرنسيين سيطرة عليهم" (إشارة إلى حكام الكور)!. إلا أن تسارع المسيرة إلى الاستقلال والتمهيد لها بالحكم الذاتي، بدأ يرسخ الأمر الواقع، وهي كون أزواد فضاءً مكمّلا لمستعمرة السودان، التي يقع ثقلها في الغرب، حول أعالي نهري النيجر والسنغال، بحواضره التاريخية ذات الكثافة السكانية، والمصادر الزراعة والمائية، والتي حظي سكانها بالتمدرس والخدمات، وأصبحوا السادة الجدد، بيدهم الإدارة والجيش والثروة. بينما أهملت فرنسا طوال احتلالها أزواد، رغم موقعه الاستراتيجي وثرواته المعدنية والنفطية والغازية، وتميزه الثقافي بلغاته ونمط عيشه،مما يؤله ليتمتع بحكم إداري يضمن تسييرا ذاتيا،ضمن مستعمرة السودان (مالي).
وعوضت عن ذلك بإطلاق بارقة "أمل" بثتها في السكان سنة 1957، مرتبطة بخططها لوقف حرب التحرير الجزائرية، الذي تفتَقت عنه عبقرية ساستها وهو مشروع يقسّم الجزائر إلى شطرين: الشاطئ، حيث الكثافة السكانية، وجزء من الوسط والجنوب والشرق، فتَمنح للأول الاستقلال، ويبقي الآخر تحت الحكم الفرنسي، بواسطة كيان جديد سمته "المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية"O.C.R.S.)) تضم غالبية مساحة الصحراء الجزائرية، بمدنها الكبرى مثل بشار وتندوف، وحقول النفط ومناطق التجارب الذرية، والأراضي المأهولة بالطوارق والعرب في النيجر (طاوه وأزواڴ) ومالي (أزواد مع ريف مدينتي تنبكتو وڴاوو) ومواطن التوبُّو والقُرعان في شمال تشاد (جميع مقاطعة بلتيم، ومثلث بوركو– أنّدي- تيبستي) (قانون 10 يناير 1958) وعينت للكيان الجديد إدارة تنفيذية ومجلسا استشاريا، وتركت الباب مشرّعا للدول والمنظمات التي تريد التعاون مع الكيان الوليد؛ الذي سوقته للطوارق والتوبُّو والعرب، الذين يشكلون أقليات في مستعمراتها ذات الغالبية الْكَوْرية، فوجدت لدى الكثيرين من زعمائهم آذانا صاغية، على أمل أن يستعيدوا حقوقهم ومكانتهم التي فقدوها، في ظل الاستعمار؛ لكن الثوار الجزائريين رفضوا أي مساس بأرضهم، كما عارضه المختار بن داداه، وموديبو كيتا رئيس مالي، لكونه سيقتطع منه أزواد، أما رئيس النيجر هامني چوري وفرانصوا تنبلباي في تشاد، فقد انحنيا حتى تمر العاصفة، لأنهما لا يريدان إغضاب الجنرال دڴول، هذا في وقت أيدت المشروع دول في المغرب العربي وغرب إفريقيا أو تعاطفت معه، انطلاقا من حسابات ذاتية، لكن ذلك لم يَحلْ دون موت المشروع نهائيا (قانون تصفيته 26 مايه سنة 1963.).
وقد استخدم المحتلون القوة العسكرية المفرطة ضد المقاومة مما أدى إلى معاناة شديدة من أخطرها التشرد في المناطق المجاورة مثل النيجر قبل احتلاله، وتشاد وتونس وليبيا، حيث تجاوز المهاجرون الجزائر الخاضعة للقبضة الفرنسية الحديدية، وهكذا عانى أزواد أكثر مما عانت جل المناطق المماثلة، عقابا على مقاومة شرائح كثيرة منه، بقيادة زعمائه من التوارق والعرب، الذين امتشقوا السيف والبندقية ثلاثين سنة، فخلدوا الشجاعة والإيباء الذي عُرف عن أجدادهم الملثمين في الصحراء وفي فتوحات المرابطين في الغرب والشمال الإفريقي والأندلس، فكانوا نبراسا للأحفاد يضيء طريق مقاومتهم الدينية والثقافية، كما في الصنو الغربي: موريتانيا.
ومع عشرينات القرن الماضي عاد معظم المهّجرين إلى وطنهم، واستأنفوا حياتهم الطبيعية، وأنشطتهم التقليدية في الرعي والتجارة، خاصة منها البضاعة التي خبروها طوال قرون وهي الملح، الذي يعتمد عليه سكان جنوب النهر حتى كوت ديفوار، واستعادوا مجالات ترحالهم التاريخية، يدخلون - دون أوراق أو مراقبة - الجزائر والنيجر وموريتانيا، ويقطعون النهر إلى فلتا العليا (بوركينا فاصو) وكوت ديفوار للتزود بحاجاتهم من الغذاء والمواد الزراعية والأقمشة، ليعودوا إلى عزلتهم في صحرائهم،هروبا بدينهم من المحتل القابع في المدن والمراكز الحضرية، والذي لا يعنيه من أمر البدو إلا ما يتصل بضرورات أمنه، واستيفاء إتاواته عن الماشية والتجارة، لا يدركون ما يبيّت من خطط حول مستقبلهم؛ باستثناء أفراد من التجار والوجهاء ممن توكل إليهم مهمة تسوية مشاكلهم في المراكز الحضرية، التي تعدّ على رؤوس الأصابع؛ حيث توجد إدارة لا يعرفون لغتها الفرنسية، ولا يشتركون مع أهلها في الكثير من العادات والتقاليد، رغم التعايش ضمن الحيز الجغرافي المشترك، ووحدة الدين.
وعندما حطت الحرب العالمية الثانية أوزارها بدأت الدول الأوروبية تعيد النظر في مستقبل علاقاتها مع مستعمراتها، لضرورات إستراتيجية مرتبطة بالتحولات التي يشهدها العالم، ولصيانة مصالحها وضمان مكانتها، فأعادت النظر في وضع المستعمرات، فألغت بعضها وضمته لأخرى، وقلصت من حجم البعض لصالح الآخر، وفي كل ذلك ارتكبت أخطاء فادحة،منها عدم مراعاة الأبعاد الجغرافية والإنسانية (الدين والثقافة) ولا الموارد التي يمكنها أن تضمن البقاء لهذه الكيانات، مما جعل العديد منها مصطنعا، ما لبث أن أصبح مصدرا دائما للاضطرابات والفتن، تدارك الاستعمار بعضه في الجزء الغربي من تراب البيظان – في الأربعينات - بالتراجع عن ضم الحوض للسودان وإعادة أجزاء كبيرة منه لأصله وفرعه موريتانيا.
وفي خضم هذه التطورات بدأ الوعي يتسرب إلى النخبة من الشيوخ والوجهاء والتجار في أزواد، ومعه إدراك واقعهم كجزء من مستعمرة السودان، التي لم تعد تضم إقليم الحوض، الذي كان "يوسّع" عليهم،فأصبحوا أقلية لا وزن لها أمام الهيمنة الكاسحة لسكان الجنوب والغرب من الَكْور، الذين كان الاستعمار قد بذل جهوده لعزلهم عن إرثهم الحضاري والثقافي، بحربه على اللغة العربية والحرف العربي الذي كان سائدا في القارة السمراء بأسرها وعلى الخصوص في الغرب الإفريقي، تكتب به أكثر من 30 لغة، منها اللغات الرئيسية كالفلانية والماندينڴية والهوساتية والزرماتية والسواحيلية واليوروباوية لتكون العربية رابطا بين الناطقين بهذه اللغات، وبينهم والمسلمين كافة، فكانت تلك أولى التحديات الذي جاء الاستعمار لرفعها، ولم يغادر إلا بعد أن انتصر فيها وغرق الناس في بحر من التنافر، أذكى الصراعات المتصاعدة.
وقد عبر الوجهاء الأزواديون بما يملكون من جهد عن قلقهم على مستقبلهم للإدارة، التي كانت ما تزال تحت السيطرة المباشرة للفرنسيين، لكنهم كانوا غير مبالين كثيرا بما يصدر عن أفراد، لا تدعمهم تجمعات حضرية، ذات وزن ضاغط. وأقصى ما كانوا يفعلونه "طمأنتهم" "بأنهم سيظلون أحرارا في بواديهم، كما كانوا، ولن تكون لأحد بعد الفرنسيين سيطرة عليهم" (إشارة إلى حكام الكور)!. إلا أن تسارع المسيرة إلى الاستقلال والتمهيد لها بالحكم الذاتي، بدأ يرسخ الأمر الواقع، وهي كون أزواد فضاءً مكمّلا لمستعمرة السودان، التي يقع ثقلها في الغرب، حول أعالي نهري النيجر والسنغال، بحواضره التاريخية ذات الكثافة السكانية، والمصادر الزراعة والمائية، والتي حظي سكانها بالتمدرس والخدمات، وأصبحوا السادة الجدد، بيدهم الإدارة والجيش والثروة. بينما أهملت فرنسا طوال احتلالها أزواد، رغم موقعه الاستراتيجي وثرواته المعدنية والنفطية والغازية، وتميزه الثقافي بلغاته ونمط عيشه،مما يؤله ليتمتع بحكم إداري يضمن تسييرا ذاتيا،ضمن مستعمرة السودان (مالي).
وعوضت عن ذلك بإطلاق بارقة "أمل" بثتها في السكان سنة 1957، مرتبطة بخططها لوقف حرب التحرير الجزائرية، الذي تفتَقت عنه عبقرية ساستها وهو مشروع يقسّم الجزائر إلى شطرين: الشاطئ، حيث الكثافة السكانية، وجزء من الوسط والجنوب والشرق، فتَمنح للأول الاستقلال، ويبقي الآخر تحت الحكم الفرنسي، بواسطة كيان جديد سمته "المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية"O.C.R.S.)) تضم غالبية مساحة الصحراء الجزائرية، بمدنها الكبرى مثل بشار وتندوف، وحقول النفط ومناطق التجارب الذرية، والأراضي المأهولة بالطوارق والعرب في النيجر (طاوه وأزواڴ) ومالي (أزواد مع ريف مدينتي تنبكتو وڴاوو) ومواطن التوبُّو والقُرعان في شمال تشاد (جميع مقاطعة بلتيم، ومثلث بوركو– أنّدي- تيبستي) (قانون 10 يناير 1958) وعينت للكيان الجديد إدارة تنفيذية ومجلسا استشاريا، وتركت الباب مشرّعا للدول والمنظمات التي تريد التعاون مع الكيان الوليد؛ الذي سوقته للطوارق والتوبُّو والعرب، الذين يشكلون أقليات في مستعمراتها ذات الغالبية الْكَوْرية، فوجدت لدى الكثيرين من زعمائهم آذانا صاغية، على أمل أن يستعيدوا حقوقهم ومكانتهم التي فقدوها، في ظل الاستعمار؛ لكن الثوار الجزائريين رفضوا أي مساس بأرضهم، كما عارضه المختار بن داداه، وموديبو كيتا رئيس مالي، لكونه سيقتطع منه أزواد، أما رئيس النيجر هامني چوري وفرانصوا تنبلباي في تشاد، فقد انحنيا حتى تمر العاصفة، لأنهما لا يريدان إغضاب الجنرال دڴول، هذا في وقت أيدت المشروع دول في المغرب العربي وغرب إفريقيا أو تعاطفت معه، انطلاقا من حسابات ذاتية، لكن ذلك لم يَحلْ دون موت المشروع نهائيا (قانون تصفيته 26 مايه سنة 1963.).
المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية
وهكذا خاب الأمل الذي علّقه زعماء أزواد على المشروع، ولم تفلح محاولاتهم في ثني المختار بن داداه عن موقفه، الذي اعتبروه تقصيرا في حق شعب أزواد من صنوه المعوّل عليه، ولم تقنعهم حجة رئيس حكومة الاستقلال الداخلي الموريتانية بـ "أنه لن يؤيد محاولة فرنسا طعن الثورة الجزائرية من الخلف بإجهاض مشروعها عبر اقتطاع أجزاء من أرضها" في وقت يكاد الجزائريون يرون بالعين دولتهم الحرة تطل على العالم من الباب الواسع، بصحرائها وثرواتها؛ بينما بقي بصيص أمل وهو انضمام أزواد لموريتانيا، قبل أن يعلن استقلاها واستقلال مالي، وتعزز الأمل بتصريحات المختار باعتبار "أزواد والصحراء الغربية جناحي موريتانيا" (خطاب أطار 1957) التي استهجنها الفرنسيون والإسبانيون، وأغضبت موديبو كيتا وجعلته ينضم إلى المعسكر المناوئ لاستقلال موريتانيا،فاحتضن "جيش تحرير موريتانيا" في باماكو، وصوتَ ضد دخولها الأمم المتحدة؛ واستمر يضغط بكل الوسائل على نواكشوط، خاصة بترسيم الحدود المتداخلة بين الدولتين، التي تركها الاستعمار في وضع غامض كالعادة؛حتى قبل المختار في قمة خاَيْ مع موديبُو معظم مطالبه، مدركا أن لا قبل له بمواجهة جاريْه الشمالي والجنوبي في آن واحد؛وانكفأت موريتانيا على ذاتها تصارع من أجل البقاء، محتمية باعتراف ومؤازرة غالبية الدول الإفريقية الناطقة بالفرنسية، (وتونس من المغرب العربي) ثم بمنظمة الوحدة الإفريقية التي جعلت من احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، قضية مقدسة. واتضح أن الدعوة إلى الوحدة مع أزواد لم تكن إلا تعبيرا عن فورة عاطفية لزعيم دولة البيظان الغارقين في أحلامهم بإعادة أمجادهم في مجالهم الجغرافي والثقافي، حتى ولو كان دون تحقيقها آنذاك خرط القتاد.يتواصل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق